[center]أصدر مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار، تقريرا اقتصاديا عن الحركة السياحية في المملكة، وحاول الأول أن يقدم معلومات عن التضخم القطاعي الذي يشهده قطاع السياحة المحلية في المملكة.
أشار التقرير إلى أن مستوى التضخم ارتفع إلى 6.5 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2010 مقارنةً بـ 0.4 في المائة عام 2009، ومن الواضح الفارق الكبير الذي يشير إلى تغير دراماتيكي في مستوى التضخم، وقد علل التقرير ذلك النمو في معدل التضخم بارتفاع تكلفة إيجار الشقق المفروشة، والإقامة الفندقية، ووجبات الطعام.
وبداية يجب علينا ألا ننظر إلى هذا الرقم ببؤس إذا علمنا حجم الفرص التي يقدمها هذا القطاع للمستثمرين مقارنة بضعف الاستثمارات وقلة الخبرات، وهو الأمر الذي يشجع على زيادة الاستثمارات ويقدم فرصا حقيقية للنمو والازدهار، وخاصة ـــ كما يشير التقرير ـــ في موسم الحج. فالحج لا يزال يمثل المصدر الأول لصناعة السياحة في المملكة، وأي تطور لحركة الحجاج في هذا الموسم ونمو حجم قطاع الإيواء والخدمات المقدمة، سينعكس حتما على نمو السياحة في المملكة وحجم التدفقات النقدية التي يقدمها هذا القطاع.
إن ربط هذا التقرير بتقارير أخرى تشير إلى أن قطاع السياحة في المملكة يسهم بنسبة 2.7 من الناتج المحلي، وأن عدد السعوديين العاملين في القطاعات السياحية ينمو سنويا بنسبة 12 في المائة بينما وصلت نسبة السعودة بشكل عام إلى 26 في المائة (حتى عام 2009)، فإن هذه المعلومات في مجملها تشير إلى قدرة هذا القطاع على صناعة اقتصاد سعودي خارج منظومة النفط الواسعة، وأن الهيئة تقودنا إلى صناعة جديدة حقيقية ومتطورة قادرة على المساهمة في التنمية الشاملة للإنسان والمجتمع السعودي، وهو التحدي الذي طالما واجهه صُناع السياحة في المملكة.
ورغم أن التقرير ذكر كلمة التضخم، التي دائما ما تستخدم لتشير إلى التغيرات في الأسعار التي لا تواكبها تغيرات في مستوى أو كمية الخدمات المقدمة، وهي حالة خطرة تضعف مستوى الإقبال على السياحة في المملكة بشكل عام، إذا ما أخذنا في الحسبان المنافسة الكبيرة في المنطقة والخارج، إلا أن المملكة لديها ميزة تنافسية كبيرة وهي موسم الحج والعمرة. فإذا تم تطوير الخدمات السياحية بشكل يتناسب مع التطورات العالمية في مثل هذا النوع من السياحة ومع تطور خدمات النقل الجوي والمنافسة المحمومة هناك، فإن التهديدات بتأثر موسم الحج والعمرة بالتضخم تنخفض، ولأن الفرص هنا كبيرة، فإن على الهيئة أن تضمن منافسة عادلة وشريفة وتضمن تخفيض عوائق الدخول إلى السوق، خاصة تلك المتمثلة في العوائق الرأسمالية والاحتكارية، ما سيسهم في تعديل الأسعار والسيطرة على معدل التضخم وازدهار هذه الصناعة في نهاية المطاف.
وإذا كانت انعكاسات التضخم المشار إليه في التقرير قليلة في موسم الحج والعمرة نظرا للميزة التنافسية العالية للمملكة هنا، إلا أن آثاره خطيرة على الجانب الآخر من الصورة، جانب القطاع السياحي الداخلي. فرغم أن المملكة تتمتع بثراء واسع من المناطق السياحية، إلا أن الخدمات التي تقدم لم تصل بعد إلى مستوى الصناعة، وما زلنا نعزف ألحانا متضاربة، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد الليالي التي قضاها السياح داخليا بنسبة 51.7 في المائة، وهو تراجع مخيف وخطير إذا عرفنا أنه تم قياس ذلك على مدار عام كامل. هنا يظهر الوجه القبيح للتضخم وآثاره الخطيرة، والمشكلة دائما في عدم تناسب الخدمات مع الأسعار رغم بدء تطبيق الهيئة برنامج التصنيف السياحي.
لقد أثبتت الهيئة خلال الفترة الماضية إصرارها على تطوير صناعة السياحة ومراقبة السوق، وهي ترفع سقف الطموح بشكل لافت، فقد أنجزت عددا من الأمور المهمة لتطوير هذه الصناعة، وما زال أمامها كثير، هناك عوائق نظامية وعوائق ثقافية داخل السوق، حتى نوعية المستثمرين ونظرتهم لهذا المجال والتعاون فيما بينهم تحتاج إلى تطوير.
